shutterstock_17868235

 

IMG_1295  

  د.أسعد صبر

 

 

 

القولون العصبي هو أحد الاضطرابات النفسية المنتشرة بكثرة بين الناس، والكثير من المصابين به يعتقدون أن القولون العصبي هو خلل في عمل القولون باعتباره عضو كبقية أعضاء الجسم.

في الواقع، عندما نشخّص القولون العصبي فنحن نشخص المشكلة في وظيفة القولون وليس في أنسجة القولون أو الأمعاء الغليظ، وعادة ما تؤدي الاضطرابات في وظيفة القولون إلى أعراض هضمية مثل: الانتفاخ، سوء الهضم، سوء الإخراج، اضطراب الإخراج. وغيرها.

ومع أن هذه الأعراض ليست خطيرة في حد ذاتها، ولا تؤدي إلى مرض خطير في المستقبل، إلا أنها تشكل إزعاجاً شديداً للمريض بشكل متواصل ومستمر، ما يؤدي إلى اضطراب في نفسية المريض، وإحساسه بوجود خلل كبير في حياته، وفي قدرته على التكيّف مع هذه الاضطرابات.

 

ما هو القولون العصبي؟

إذا أردنا أن نعرف القولون العصبي كعضو في جسم الإنسان، فإننا نقول إنه: الأمعاء الغليظة، وهو جزء من الأمعاء الذي يصل بين الأمعاء الدقيق والمستقيم. ووظيفته الأساسية هي امتصاص الماء والبقايا الغذاء والأملاح من الطعام القادم من الأمعاء الدقيقة والمهضوم جزئياً.

يقوم القولون بدفع بقايا الطعام إلى الخارج للتخلص منها، من خلال التقلصات في عضلات جدار هذا الجزء من الأمعاء، والتي تتحكم فيها الأعصاب والهرمونات والقولون. حيث يتحسس في محتوياته. فعندما تكون التقلصات قوية أو ضعيفة، فإن ذلك يتسبب في سرعة أو تأخر الإخراج، وكذلك تشكّل بعض الغازات في داخل القولون.

 

أعراض القولون العصبي:

أعراض القولون العصبي عديدة، وتزداد أكثر في حال وجود ضغوط  نفسية يعاني منها الإنسان، أو إذا عانى الإنسان من تغيّر في نمط سير حياته اليومية، ومن هذه الأعراض:

1- الانتفاخات.

2- الغازات.

3- خروج محاط مع البراز.

4- الإمساك أو الإسهال أحياناً.

5- الشعور بعدم استكمال الإخراج بعد الذهاب للحمام.

6- رغبة متكررة في الذهاب إلى الحمام.

7- آلام البطن أو المغص، والذي يزول بعض الذهاب للحمام، وغيرها.

 

القولون والقلق:

ترتفع نسبة تعرض الناس الذين لديهم حالات من القلق، للقولون العصبي، ويمكن القول إن القولون العصبي يصيب نحو 50% من  الناس، وتشكل النساء النسبة الأكبر للإصابة به مقارنة بالرجال، خصوصاً ما قبل الدورة الشهرية.

رغم أن العلماء لم يستطيعوا تحديد الأسباب الكاملة بشكل واضح، إلا أن هناك العديد من الأشياء التي تسبب القولون العصبي أو التي تعتبر مثيرة لحالات القولون العصبي.

غالبية الناس يؤكدون أن القولون العصبي مرتبط بأحداث معينة، أو أنماط معينة في حياتهم، مثل:

1- أكل كميات كبيرة من الطعام على غير المعتاد.

2- المشروبات الغازية مع الأكل.

3- بعض العقاقير الطبية.

4- أكل بعض الأنواع الغذاء مثل قمح ومشتقاته، الشوكولاتة والحليب ومشتقاتها، القهوة والشاي، البهارات، الدهون الكثيرة في الأكل.

5- وأيضاً عند وجود إجهاد نفسي أو توتر والقلق النفسي.

 

تشخيص القولون العصبي:

يتم تشخيص القولون العصبي من خلال مقابلة الطبيب، وأخذ تاريخ كامل لحالة مرضية، وثم إجراء بعض الفحوصات المخبرية والأشعة، ليتأكد الطبيب من عدم وجود خلل عضوي عند الإنسان.

لذلك فإن الطبيب يقوم بإجراء بعض الفحوصات الهضمية، كالفحص بمنظار القولون، إجراء تحليل للدم، تحليل للبراز، وغيرها، وذلك بهد استبعاد وجود أسباب عضوية للإصابة بالقولون.

وفي حال ثبوت عدم وجود سبب عضوي لهذه الأعراض، يتم تشخيص القولون العصبي بناء على معايير إكلينيكية معينة، منها:

1- الشعور بألم أو التضايق المتكرر في البطن، ولمدة 3 أيام في الشهر الواحد، وتكون خلال 3 أشهر متتالية، على أن يكون هذا الألم أو التضايق يشتمل على عدة الأمور منها: أنه يتغير معه عدد مرات التبرز المعتادة، يتغير معه الشكل أو طبيعة البراز المعتادة.

2- يمكن أن توجد بعض الأعراض الأخرى التي تدعم التشخيص في القولون العصبي مثل: تغير عدد مرات التبرز، التغير في طبيعة البراز، التغير في عملية الإخراج سواء صعوبة الاستخراج أو الإسهال أحياناً، الشعور بالانتفاخ أو الغازات في البطن، أو الشعور بالامتلاء.

 

اضطرابات وأمراض شبيهة بالقولون العصبي:

هنالك عدة اضطرابات عضوية تتشابه في أعراضها مع القولون العصبي، بعضها بسبب الميكروبات والالتهابات، حيث يمكن أن تتكون ميكروبات في القولون. وهذه يمكن تشخيصها من خلال أخذ العينات وفحصها مخبرياً.

هناك أيضاً القولون المتقرح، ومن أعراضه: فقر الدم، ونزف دم مصاحب للبراز، والإعياء، والآلام في المفاصل، وضعف الشهية، ونقص في الوزن.

أيضاً هناك أورام القولون، ومن أعراضها: النزيف الدموي مع البراز، نقص الوزن. وهذه أيضا يمكن تشخيصها من خلال إجراء المنظار للقولون.

 

الإجهاد النفسي والقولون العصبي:

الإجهاد النفسي بحد ذاته لا يسبب اضطراب القولون العصبي، ولكن تراكم الضغوط النفسية، ومشاعر القلق، والتوتر، والضيق، والغضب، وعدم القدرة على التحمل، كل هذه الأمور تزيد من الضغط النفسي والقلق النفسي عند الإنسان، وبالتالي تزيد من تقلصات القولون، وهنا يصبح الإنسان أكثر عرضة لحدوث أعراض القولون العصبي.

 

علاج القولون العصبي:

الخبر الجيد في موضوع علاج القولون العصبي، أن الكثير من الناس يتحسنون بمجرد أن يعرف أن ما لديه ليس مرض خطير، وإنما هو فقط اضطراب في وظيفة وحركة الأمعاء الغليظة، وأنه لا يعاني من أي اضطراب عضوي أو مشكلة عضوية في القولون أو الأمعاء الغليظة.

وعندما يعرف الإنسان أن القولون العصبي هو نتيجة حالات القلق والتوتر التي يعيشها، وأنه يحتاج إلى السيطرة على هذه الحالات، فإنه يشعر بالاطمئنان، ويصبح قادر على مغالبة شعور التوتر والخوف من القولون العصبي.

فإن لم يكن ذلك كافياً لتخفيف الضغط النفسي على المريض، فإنه يحتاج هنا إلى إجراءات أخرى، حتى يخفف من أعراض القولون العصبي لديه، من أهمها:

1- الاهتمام بالغذاء ونمط الحياة: فيجب على الإنسان أن يعرف ما هو نوع الغذاء الذي يسبب استثارة القولون لديه، وما هي أعراض القولون لديه من خلال البحث عن أنواع الغذاء التي ترتبط بأعراض القولون العصبي لديه، وبالتالي يحاول تجنب تناول تلك الأغذية المثيرة لقولونه.

2- بحال كان القولون العصبي لديه مرتبط بالاختلاط مع بعض الناس، فيجب على المريض هنا أن يبتعد قدر المستطاع عن هؤلاء الناس، الدخول في مشاحنات معهم.

3- بحال كان القولون مرتبط لديه ببعض السلوكيات، مثل التدخين، فيجب عليه الابتعاد عن التدخين تماماً.

4- يفضل اللجوء إلى بعض السلوكيات الإيجابية التي تنمي الثقة والإحساس بالجسم وتقدم له الراحة والمتعة، كممارسة الرياضة، والابتعاد عن التدخين، والابتعاد عن الإجهاد، والحصول على نوم مريح وكاف يومياً.

5- ننصح المريض بالقولون العصبي أن يجعل لنفسه جدول خلال الشهر يسجل فيه جميع أحداثه اليومية، والنشاطات الرياضية، وأنواع الأكل الذي يأكله، وتوقيت ذلك، وإحساسه بالإجهاد أو الشعور بالتعب، والقلق، والتوتر النفسي، وارتباط كل هذه الأحداث بأعراض القولون العصبي، ومدى تأثير الإجهاد النفسي عليه، ومدى فائدة الرياضة عليه، وبالتالي يستطيع أن يحدد ما هي الظروف التي تستثير القولون العصبي عنده، وما هي التصرفات أو السلوكيات أو الأفعال التي تخفف القولون العصبي.

 

العلاج الدوائي للقولون العصبي:

هناك عدة عقاقير أو أدوية علاجية ينصح بها مريض القولون العصبي، وذلك بغية تخفيف القلق والتوتر لديه، فضلاً عن أدوية تخفف من الإسهال أو الإمساك، مع ضرورة عدم استخدام الأدوية الشديدة لعلاج الإمساك أو الإسهال إلا باستشارة طبيب الجهاز الباطني.

ولكن ننصح مرضى القولون العصبي باللجوء إلى بعض الممارسات الصحية البديلة عن تناول الأدوية، كتغيير أنظمة اليوم، ومحاولة التعايش مع بعض الضغوط، أو بعض التغييرات في الحياة، واستبعاد كل ما يثير الإنسان ويزعجه، وشرب الماء بكثرة، وممارسة الرياضة. وكل هذه الأمور تعين بإذن الله تعالى على التخلص من القولون العصبي.